قصص
By:
  • احمد كاكا | مساعد اقدم في قسم الاعلام

في العراق بعد انتهاء الصراع، يعد مساعدة الأطفال على إعادة الاندماج في مجتمعاتهم أمرًا ضروريًا لتحقيق السلام والتماسك المجتمعي على المدى الطويل. وباستخدام المواد التي طورتها ورشة سمسم، أطلقت المنظمة الدولية للهجرة مبادرة في 14 مدرسة في محافظات نينوى وكركوك وصلاح الدين لتزويد الأطفال بالدعم الذي يحتاجون إليه لإعادة بناء حياتهم. ومن خلال الجمع بين الفصول الدراسية التكميلية والأنشطة الإبداعية وتحسين البنية التحتية، تعمل هذه المبادرة على تحويل المدارس إلى مساحات شاملة حيث يمكن للأطفال أن يزدهروا.

غالبًا ما يفتقر الأطفال العائدون من النزوح المطول إلى مهارات القراءة والكتابة الأساسية ويواجهون تحديات كبيرة ووصمة اجتماعية بسبب الانتماءات المفترضة للجماعات المتطرفة ويحتاجون إلى التعلم السريع لسد الفجوات في تعليمهم ومساعدتهم على التعافي وإعادة الاندماج. ولمعالجة هذه التحديات، وتماشياً مع اتفاقية حقوق الطفل، قدم البرنامج فرص التعلم السريع لدعم حقهم في التعليم. من خلال دروس تعويضية بعد المدرسة في اللغة الإنجليزية والعربية والرياضيات، يمكن لهؤلاء الطلاب تعويض سنوات الدراسة الضائعة والتحرك نحو التعافي وإعادة الاندماج في المجتمع.

يستمع الطلاب باهتمام بينما يقرأ معلمهم قصة من ورشة سمسم أثناء الجلسة ©المنظمة الدولية للهجرة 2024/أحمد كاكا

لقد عززت المواد التي تم البحث فيها جيدًا في ورشة سمسم التعلم التفاعلي، مما جعل كل نشاط جذابًا وفعالًا. ساعدت هذه الموارد الطلاب على البقاء منتجين وتكوين صداقات جديدة. قرأ الطلاب قصصًا علمتهم دروسًا قيمة في الحياة، مما أدى إلى إثراء تجربتهم التعليمية بشكل أكبر.

ذكرى، أحد أفراد طاقم المنظمة الدولية للهجرة، ترشد أحد الطلاب خلال نشاط الرسم بالألوان المائية في مدرسة الزاب الابتدائية في الحويجة. ©المنظمة الدولية للهجرة 2024/أحمد كاكا

وإلى جانب الجانب الأكاديمي، ركّز البرنامج أيضًا على الأنشطة الإبداعية والترفيهية مثل الرسم والموسيقى والرياضة والبستنة. وتجد غولشان، وهي طالبة تبلغ من العمر 10 أعوام من الزاب، متعة في الفن وتزدهر في هذه البيئة الإبداعية. وللأنشطة الفنية تأثير علاجي، حيث تربط الأطفال بمشاعرهم. وتقول غولشان مبتسمة: "يساعدني الفن على إظهار مشاعري".

تعرض غولشان بفخر لوحتها المفضلة - وهي عبارة عن تصوير ملون لنفسها ولصديقة. ©المنظمة الدولية للهجرة 2024/أحمد كاكا.
سجى، مرتدية فستانًا أزرق، تغني أثناء جلسة موسيقية©المنظمة الدولية للهجرة 2024/أحمد كاكا

سجى، طالبة شغوفة بالغناء، غالبًا ما تؤدي عروضًا موسيقية أثناء جلسات الموسيقى، مما يسعد زملائها في الفصل ويساهم في خلق جو إيجابي داعم. تقول سجى: "الغناء يجعلني سعيدة ويساعدني على نسيان همومي"، موضحة كيف تساعد الموسيقى في تحسين الرفاهية وتعزيز روح المجتمع.

يرتدي أحمد قميصًا أحمر اللون، ويستمتع بمباراة كرة قدم في الشرقاط مع زميله في الدراسة ومسؤول المجتمع المحلي، السيد عبد الكريم©المنظمة الدولية للهجرة 2024/أنمار قصي

كانت الرياضة جانباً حيوياً من المبادرة، إذ ساعدت الأطفال على تكوين صداقات جديدة والشعور بالانتماء. اكتشف أحمد، وهو طفل يبلغ من العمر 12 عاماً من الشرقاط، أن ممارسة كرة القدم خلال فترات الراحة لا تجعله نشيطاً فحسب، بل إنها تعرفه أيضاً على أصدقاء جدد وتعلمه العمل الجماعي. وقال: "تساعدني كرة القدم على تكوين صداقات جديدة"، مسلطاً الضوء على كيف أن لحظات الصداقة هذه كسرت الحواجز الاجتماعية بين الأطفال العائدين وأطفال المجتمع المضيف.

طلاب مدرسة الزاب في الحويجة يشاركون في الأنشطة الرياضية ©المنظمة الدولية للهجرة 2024/أحمد كاكا

كما أدركت المبادرة الأهمية الحاسمة لتحسين البنية الأساسية للمدارس لدعم إعادة دمج هؤلاء الأطفال. وقد حصلت العديد من المدارس على ألواح شمسية ومبردات هواء وخزانات مياه، مما يضمن بيئة تعليمية مريحة. ففي الحويجة على سبيل المثال، أدى تركيب الألواح الشمسية إلى جعل الفصول الدراسية أكثر إشراقًا واستدامة، مما يسمح للطلاب بالتركيز على دراستهم في مساحة مضاءة جيدًا وباردة.

بالنسبة للأطفال ذوي الإعاقة، كان دمجهم في النظام المدرسي أولوية. تم إنشاء غرف موارد متخصصة لضمان حصول هؤلاء الطلاب على الدعم الذي يحتاجون إليه، وتم تدريب المعلمين على تقنيات التعليم الشامل. ساعد تقييم الاحتياجات الشامل في محافظة صلاح الدين في تحديد الحواجز الرئيسية التي تحول دون تعلم هؤلاء الأطفال، في حين ضمنت عمليات تدقيق إمكانية الوصول أن المدارس قادرة على استيعاب الطلاب ذوي الاحتياجات المتنوعة.

يشارك الطلاب في جلسات اللغة الإنجليزية في الفصول الدراسية التي تم تجديدها حديثًا والمجهزة بألواح ذكية لتعزيز التعلم التفاعلي ©المنظمة الدولية للهجرة 2024/أحمد كاكا

وكان المعلمون عنصراً محورياً في هذا التحول، حيث تلقوا تدريباً متخصصاً في تقنيات التدريس الحديثة وحماية الطفل، مع التركيز على الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي. وقد مكنهم هذا التطور المهني من فهم احتياجات طلابهم بشكل أفضل وخلق بيئة تعليمية داعمة. بالإضافة إلى ذلك، لعب أعضاء المجتمع المحلي والمجموعات التطوعية ومنظمات المجتمع المدني دوراً حيوياً في تيسير الأنشطة الترفيهية بعد المدرسة، والعمل بجد للحفاظ على نشاط الطلاب ومشاركتهم.

"لقد شهدنا نموًا هائلاً وحماسًا من طلابنا خلال هذه المبادرة. ومع انتقالنا إلى العام الدراسي الجديد، سنواصل دمج هذه الأساليب الإبداعية والتفاعلية في دروسنا للحفاظ على هذا الزخم ودعم تنمية طلابنا بشكل أكبر"، أكد السيد عمر حسن، وهو مدرس مخلص لعمله من الحويجة، يعمل على نجاح التدخل.

 

السيد عمر يدير درس العلوم للطلاب في مدرسة الزاب ©المنظمة الدولية للهجرة 2024/أحمد كاكا.

تم تأسيس لجان أولياء الأمور والمعلمين لتعزيز التعاون بين الأسر والمدارس. وقد نظموا معًا أنشطة مثل مشاريع تجميل المدارس والجلسات الثقافية، والتي جمعت المجتمع معًا وعززت الشعور بالوحدة.

بدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ، أصبح أكثر من 5000 طالب ومعلم وأولياء أمور مستعدين الآن للتعامل مع العام الدراسي الجديد بمزيد من التمكين والمرونة. من خلال إنشاء مساحات آمنة وشاملة للتعلم وبناء الجسور بين العائدين وأطفال المجتمع المضيف، يساعد البرنامج في وضع الأساس لعراق أكثر سلامًا وتوحيدًا ويدعم حكومة العراق في تنفيذ التعليم الوطني واستراتيجيات التنمية الوطنية للعراق بالنسبة للطلاب مثل غولشان وسجى وأحمد، قدم هذا البرنامج أكثر من مجرد دعم تعليمي - فقد منحهم الفرصة والصداقة والشعور بالانتماء.

 

أقرأ باللغة الكردية